«رحلة إلى الإيدز».. «المصري اليوم» تتتبع دماء حامل الفيروس بمستشفى المنيرة




«رحلة إلى الإيدز».. «المصري اليوم» تتتبع دماء حامل الفيروس بمستشفى المنيرة
محلي / تقارير
جودة الخبر 54%
تشويه وتشهير تمييز نشر بدون استئذان عنوان مضلل تفاصيل ناقصة خلط بين الرأي والمعلومة

تم نقل النص عن جريدة المصري اليوم بتاريخ 16/10/2018 03:55

شارك على  
المحرر - نورهان مصطفى


شقيق المريض يؤكد لـ«المصري اليوم» صحة منشور الطبيب بالواقعة على «فيس بوك»


مساء 14 أكتوبر، مُنتصف ليل القاهرة، كانت كُل أركان حيّ السيدة زينب الشعبي هادئة، بسبب برودة الجو، فيما عدا البُقعة المحيطة بمستشفى المنيرة العام، تحديدًا في القسم الخاص بالاستقبال والطوارئ، كانت صرخات المريض تنطَلق دون توقف، لكنها ليست صرخات عاديّة، وإنما صرخات ألم واستغاثة مصحوبة ببقع دماء، خضبّت أرضية المستشفى في ثوانٍ معدودة وصبغتها باللون الأحمر بدلاً من الأبيض، وسط انتشار الذعُر في أعين الجميع، مُرددين: «كُله يبعد، ده مريض مُصاب بالإيدز».

«دخل الطوارئ شاب على كرسي، مُصاب بنزيف حاد، أدى لانفجار بعد تمدُد في الشريان الفخذي، المريض غرّق المستشفى كلها دم»، هكذا كتب طبيب الجراحة الذي شاهد الواقعة، ثروت بدوي، تفاصيل الواقعة عبّر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، «فيس بوك»، مضيفًا: «أنا أول شخص اتعامل معاه، وعملت له اسعافات أولية تمهيدًا لتحويله من المستشفى، غير المتخصص في مثل تلك الحالات، لأن المستشفى لا يوجد بها غرف عزل أو جراحة أوعية دموية».

من الباب الخلفي للمستشفى، وحتى مدخل الطوارئ، الذي يبعُد عن المدخل الرئيسي عدة أمتار، تناثرت دماء المريض على أرضيات وجُدران المستشفى، حسبْ شهادة الدكتور ثروت، الذي أضاف وفقًا للمنشور المذكور سابقًا: «قفلنا الاستقبال، وبلغنا الطوارئ يبعتوا إسعاف، الحالات اللى في الطوارئ هربت، والناس اللى على القهوة هربوا بمجرّد السماع عن وجود مريض إيدز في المستشفى».

«المصري اليوم» قامت بجولة داخل مُستشفى «المُنيرة» سابقًا، «الموت» حاليًا..

بدأت جولتنا بالقرب من المقهى الشعبيّ الذي ذكر «ثروت» أنه شهد الواقعة، كان المقهى مزدحمًا كما عادته، يمتزج صوت «النرد» المُرتطم بخشب الطاولة، بطلبات الزبون المُتردد دائمًا، الوجوه عابسة، لكن لا شئ مُتغير في المكان، بعد خطوات معدودة، توجهّت إلى متجر الأدوات الدراسية المتواجد بالقُرب من المقهى، سألتُ صاحب المتجر عن أي أحداث غير عاديّة، جرَت بالقُرب من مستشفى المنيرة، تردّد الرجُل الأربعيني للحظات، ثم قال: «تقصدي إيه يعني؟»، فأجبته بالروايات المُتناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مريض الإيدز الذي جاء دون تعقيم أو تجهيزات إلى المستشفى، فأصابَ الجميع بالذُعر.

صمتْ الرجُل الأربعيني لعدة ثوان، ثم عاد ليُخبرني بأنه رأى حركة غريبة أمام المستشفى أمس، سيارات إسعاف جاءت بأجهزة تعقيم، حسبمْا قال: «أصلهم قالوا إن في مريض إيدز دمُه غرق المستشفى، لكنهم عقموا المستشفى بعد كده».

لم تفصلنا عن كلمات الرجُل الأربعيني وبوابة المستشفى الأمامية، سوى عدة أمتار وأحاديث المارة عن «مريض الإيدز» القابع داخل مستشفى المُنيرة، توجّهت فيما بعد إلى بوابة المستشفى، تفحصنّي رجل الأمن للحظات، إذ قال عبارة واحدة: «عاوزه إيه؟»، سألتهُ عن أماكن الكشف داخل قسم الاستقبال، فأرشدني إلى المكان المطلوب، وصاحبني إلى أن استقبلني موظف آخر، سألني عن سبب زيارة المستشفى، ثم أعطاني ورقةً بالكشف «المجاني»، بعد عدد من النظرات المُتفحصة القلقة أيضًا.

داخل أروقة المستشفى، تحديدًا قسم الدخول والاستقبال، كانت الأجواء عادية، مرضى يتألمونْ وأطباء يتناوبون في الكشف عليهم، سألتْ أحدهُم عن أماكن كشف العظام، فأجابني بتملمُل: «عندك هناك، تالت أوضة شمال»، توجهَت إلى الغرفة المقصودة، التي كُتب عليها «كشف/حجز حريمي»، جلستُ بداخلها دون أن يأتي طبيب.


5 دقائق، كانت مُدة جلوسي داخل غرفة الحجز، وعندما لم يأت طبيب الكشف، توجّهت إلى ممر الاستقبال مرة أخرى، إلى أنْ قابلت إحدى الممرضات التي تطوّعت بسؤالي عن وجهتي، فأجبتها بالسبب، ثم سألتها عن واقعة «مريض الإيدز» المُتناثرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، صمتتْ الممرضة للحظات، ثم طلبت مني رؤية المنشور الذي كتبهُ دكتور ثروت على صفحته الشخصية، إذ قالت بنبرة لم تخلو من الخوف: «آه الدكتور ده عندنا، ومريض الإيدز لسّه موجود هنا».

لم تقُل الممرضة أي تفاصيل أخرى عن الواقعة، تغلّفت بالخوف خلال لحظات، فجاءت كلماتها مُبعثرة: «معرفش حاجة، كُل اللى أعرفه أن المريض موجود دلوقتي في الدور التالت، وممنوع حد يطلع فوق».

الطريق إلى الدور الثالث، كان مظلمًا وهادئًا على غير عادة المستشفيات الحكومية، من الدور الأرضي إلى الدور الثالث، لم يسألني أحد عن وجهتي، توجهّت إلى الدور الأول ثم الثاني، في الدور الثاني، توقفت أمام «كمامة» مُلقاه على الأرض، بينما كان هُناك مشاجرة قائمة بين عدد من الأشخاص، توقفت للحظات، فباغتتني إحدى الممرضات: «مالكيش دعوة بالخناقة دي، أنتِ رايحة فين؟».


داخل قسم الجراحة والحروق، حيثُ يقبع المريض، سألتني إحدى الممرضات عن وجهتي، فسألتها عن مريض الإيدز المحجوز داخل القسم، بدا القلق على وجهها وطلبت إثبات صلة قرابة بالمريض، فأجبتها بأنني صديقة العائلة، اصطحبتني الممرضة عبّر ممر طويل، ثم جاءت ممرضات أخريات، وأصرّوا على إثبات قرابتي للمريض حتى أتمكّن من رؤيته.

حينها، أخبرهُم شقيق المريض، الشاب العشريني، حسام نصر، أنه يعرفني، فتركوني حينها أدخُل إلى الغرفة كي أرى المريض، دون تعقيم أو ارتداء قفازات، أو اجراءات احترازية كي لا يتم نقل العدوى، فقط حذروّه عدة مرات، بلهجة لم تخل من التهديد: «أخوك مكانه مش هنا أصلا، مش عاوزين مشاكل».


مستشفى المنيرة
بعد مُغادرة الممرضات، سألني شقيق المريض «انتي مين؟»، فأخبرته، فأجاب على الفور: «أنا عارف إنكم عاوزين تساعدونا، لكن مش عارف ليه المستشفى عاملين قلق».

اقتربت من هدفي «وائل».. حالته يرثى لها، قدمه أعلى الركبة تنزف من جرح ظاهر، والدماء تغطي المكان.. لم أستطع التحدُث معه بأي شئ، فقط كان يصرخ صرخات مدوية: «عاوز مُسكن يا نااااس.. يا تعالجوني.. يا تموتوني».

«اسمُه وائل نصر، عُمره 37 سنة، عاطل»، كلمات تعريفيّة قليلة قالها «حسام» عن شقيقه المُصاب بالإيدز، مؤكدا صحة كلام الدكتور ثروت في المنشور الذي كتبه على «فيس بوك»، إذ يُعاني منذ أكثر من شهرين ونصف بالإيدز. كما يحكي: «إحنا بقالنا 20 يوم بنلّف على المستشفيات، أغلب الأماكن رفضته، رُحنا الحميات رفضوا يستقبلوه». ويتابع مستنكرًا: «يعني الغلابة لمّا يتعبوا يروحوا فين؟».

لا يعلم «حسام» سبب تواجد شقيقه داخل مستشفى المُنيرة، فالمصابون بمرض الإيدز لابُد من عزلهم في مستشفيات «الحُميات»، حتى لا يصيب آخرين بالمرض.

أيام عديدة، قضَاها «وائل» في البحث عن مستشفى يقبل باستقباله، حتى وجد مستشفى المُنيرة، التي جلس بداخلها، تحديدًا داخل قسم الجراحة والحروق، لا يفصلهُ عن المرضى، سوى ممر صغير، إذ يقبع داخل غُرف كُتب عليها «غرفة عزل رقم (1)».

أترك المشهد المأساوي، بينما تتعالى الصرخات من داخل غرفة العزل، وامامها يقف الشقيق «حسام» وحيدًا يُردد جملة واحدة «يا تعالجوه.. يا تموتوه».


من جانبه، أكد الدكتور أحمد محي القاصد، مساعد وزير الصحة للطب العلاجي والمشرف على أمانة المراكز الطبية المتخصصة، اتخاذ مستشفى المنيرة العام الإجراءات الطبية اللازمة مع أحد المتعايشين مع مرض الإيدز بعد دخوله للمستشفى مصابا بنزيف حاد نتيجة تمدد في شريان الفخذ.

ونفى القاصد ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي من حدوث إهمال واستياء من استقبال المريض وتركه دون تدخل لوقف النزيف بدعوى عدم جاهزية المستشفى لاستقباله، إذ أوضح في تصريحات صحفية، الاثنين، أن مستشفى المنيرة العام فور استقبال المريض اتخذت جميع الإجراءات والاحتياطات اللازمة للتعامل مع هذه الحالات.

وأضاف أنه تم السيطرة على النزيف واستئصال التمدد وإنقاذ حياة المريض وحجزه في غرفة عزل بمفرده وكل هذه العمليات تمت تحت إشراف من الطب الوقائي بالوزارة، وأشار إلى أن كل المستشفيات تستقبل مرضى الإيدز مع اتباع الإجراءات اللازمة.


مصدر الخبر

التقييم

هل تمثل المصادر المستخدمة بالمحتوى جهة واحدة من الرأي أم تعرض الرأي الآخر؟
جهات مختلفة
ثروت بدوي، طبيب الجراحة وأحد شهود الواقعة// رواية صاحب متجر للأدوات المدرسية بالقرب من المستشفى محل الواقعة// إحدى الممرضات// حسام، شقيق الحالة المريض// الدكتور أحمد محي القاصد، مساعد وزير الصحة للطب العلاجي والمشرف على أمانة المراكز الطبية المتخصصة.... إلى جانب مصادر أخرى هامشية، مثل موظف أمن بالمستشفى، وممرضات
هل المصادر المستخدمة حديثة ومناسبة لسياق الموضوع؟
حديثة ومناسبة
مناسبةمن حيث الصلة بالموضوع (شهود عيان وممرضات بالمستشفى وشقيق المريض وشاهدي عيان أحدهما طبيب معالج والأخر صاحب متجر بالشارع)، إلى جانب مناسبتها من حيث التخصص: الدكتور أحمد محي القاصد، مساعد وزير الصحة للطب العلاجي والمشرف على أمانة المراكز الطبية المتخصصة
هل فصل المحرر بين تعليقه والمحتوى الخبري المقدم للقارئ؟
خلط بين الرأي والمحتوى
رغم أن الفقرة الأولى -كاملة- هي وصف وتعليق شخصي للمحررة؛ غير أن تعليقاتها وانطباعاتها لوصف المشهد اختلطت بكتابة المحتوى، مثل قولها "مستشفى الموت"
هل نسب المحرر الصور إلى مصادرها؟
نسب الصور لمصدرها
إضراب جزئي لأطباء مستشفى المنيرة، استجابة لدعوات نقابة الأطباء، احتجاجا على عدم توفير الكادر الخاص بهم، القاهرة، 4 فبراير 2014. - صورة أرشيفية// تصوير : علاء القمحاوي
هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات
هل وازن المحرر بين مختلف وجهات النظر؟
وازن في عرض الآراء
من حيث التركيز واعطاء نفس المساحة لعرض الآراء
هل قدم المحرر تغطية كافية للموضوع؟
أغفل المحرر جوانب أو تفاصيل جوهرية
المحررة ركزت على الجانب الإنساني لدى أسرة المريض، متمثلة في شقيقه؛ غير أنها اغفلت تقصي حقيقة "كيفية وجود مثل هذا المريض وتلك الحالة المرضية شديدة الخطورة في هذا المستشفى، وما الأقسام الأخرى الموجودة بالطابق الثالث بجوار غرفة هذا المريض، ومدى صحة وجود قسم للحروق والحالات الخطرة به في هذا الطابق، كذلك تقصي حقيقة: مدى احتياطات السلامة والصحة للممرضين وطاقم النظافة قبل وصول إمدادات التعقيم للمستشفى، وأيضا: هل ستقوم الوزارة باجراء تحاليل للتأكد من سلامتهم وعدم تعرضهم للعدوى؛ أم أن هذا الإجراء غير متخذ حتى الآن.. هذا إلى جانب إهمال المحررة لرواية "تعدي المريض وزوجته" على العاملين بالمستشفى، وتعامله بعنف وعبثه بالأدوات، وتبوله في سلال القمامة، وهل سوائل الجسم العادية أيضا معدية في حالة مريض الإيدز؟ أم انه ينتقل فقط بالدم
هل هناك معلومات خاطئة ضمن المحتوى؟
غير محدد
هل هناك تلاعب في المعلومات /أو في سياق عرضها؟
ابتعد المحرر عن التلاعب في المعلومات /أو في سياق عرضها
هل المحتوى المرئي المستخدم مناسب للموضوع؟
مناسب
الصورة الرئيسية لإضراب جزئي لأطباء مستشفى المنيرة، استجابة لدعوات نقابة الأطباء، احتجاجا على عدم توفير الكادر الخاص بهم، القاهرة، وبقية الصور المرفقة بالمحتوى صورا عامة مثل كمامة ملقاة على الأرض، ومدخل لعنبر أو غرفة.. إلخ
هل يتناسب مضمون الفيديو مع المحتوى؟
نعم يتناسب
هل يعبر العنوان عن مضمون المحتوى المقدم؟
يعبر عن المحتوى
هل العنوان واضح وغير متحيز؟
متحيز
"رحلة إلى الإيدز"
هل هناك أي تعميم في المحتوى؟
يوجد تعميم من المحرر
مثل: رحلة إلى الإيدز، مستشفى الموت، إهمال طاقم التمريض.... إلخ
هل هناك أي إهانة /أو تشويه /أو تشهير لفرد أو مجموعة ضمن المحتوى؟
هناك (إهانة /أو تشويه /أو تشهير) بحق فرد أو مجموعة
مثل: رحلة إلى الإيدز، مستشفى الموت، إهمال طاقم التمريض.... إلخ
هل استأذن المحرر صاحب التسجيلات أو الصور الشخصية المعروضة بالمحتوى؟
لم يستأذن
الصور المرفقة (باباراتزي) وتمت دون إذن مسبق من إدارة المستشفى

تعليق المقيم

مبادرة جيدة لتقصي الحقائق من "المصري اليوم"، غير أن المحررة صبت مجهودها فقط على طاقم التمريض والعاملين بالمستشفى، وأظهرت تعاطفا كبيرا مع الحالة المرضية، غافلة الروايات المنتشرة حول تعامله ببلطجة وعنف أثناء دخوله للمستشفى (وهي بنفسها قالت أنها اعتمدت في بحثها على الروايات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقامت في تقريرها بتقصي مدى صحة تلك الحقائق)، هذا إلى جانب الاستعانة بمصدر واحد في القطاع الصحي، وعدم تنويع المصادر أو تعددها في تلك اللقطة؛ ما يعد اغفال لبيان موقف إدارة المستشفى والوزارة من حجز تلك الحالة المرضية شديدة الخطورة في مكان غير مؤهل لاستقبالها.

رد الصحفي

لا يوجد

رايك في التقييم

التعليقات