تواجه العملة المحلية لكثير من الدول ضغوطاً أمام الدولار الأمريكي، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث تبحث تلك الدول عن بديل لحماية عملتها، وتخفيف الضغوط عليها؛ ويكون ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات من بينها الاتفاق مع شركائها التجاريين على التبادل التجاري بالعملة المحلية.
ضربة قاصمة للدولار
وأشار في هذا الإطار رئيس لجنة مجلس الدوما الروسي للأسواق المالية أناتولي أكساكوف، إلى أن روسيا ومصر تجريان تعاملات بالعملات الوطنية، كما أن موسكو تجري محادثات بهذا الشأن مع أبو ظبي، وذلك على هامش مشاركته في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي: "لدينا تعاملات متبادلة مع مصر بالعملتين الوطنيتين ونجري محادثات مع الإمارات (بهذا الشأن)".
وأضاف أن نسبة الدولار تقلصت في تداول العملات الدولية خلال سنتين من 70% إلى 60%، متوقعا أن تتجه الكثير من الدول إلى العملات المشتركة (الوطنية) بسبب سياسة العقوبات الأمريكية الجائرة.
وعن موعد إطلاق الروبل الرقمي، قال أكساكوف: "أقررنا قانونا بالقراءة الأولى حول الروبل الرقمي، وهذه العملة ستظهر في النصف الثاني من العام الجاري"، مضيفا أنه "يمكننا مساعدة الدول العربية والصديقة عبر إنشاء العملات الوطنية الرقمية".
وعقد المنتدى في الفترة من 14 وحتى 17 يونيو 2023، حيث ركز الحدث الدولي على القضايا الاقتصادية الرئيسية والتحديات التي تواجه روسيا والأسواق الناشئة والعالم ككل.
يذكر أنه في يناير 2023، أعلن البنك المركزي الروسي، عن البدء في تحديد أسعار الروبل الرسمية مقابل 9 عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري، في خطوة بحسب خبراء المال والأعمال من شأنها دعم الاقتصاد المصري.
وأكد البنك المركزي الروسي حينها، أنه تم إدراج الجنيه المصري وعدد من العملات الأخرى، في قائمة العملات الأجنبية، مع أسعارها الرسمية مقابل الروبل التي حددها بنك روسيا، مشيرا إلى أنه سوف يتم تحديد الأسعار الرسمية لهذه العملات مقابل الروبل.
التبادل بالعملات المحلية
ويخفف ذلك من الطلب على الدولار، ما قد يؤدي إلى إمكانية تراجع سعر صرف الدولار في مصر بشكل نظري، على المدى البعيد، كما أن هذا القرار سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين وذلك بدلا عن الدولار.
ويقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021، كما ستستفيد مصر بالسياحة الروسية الوافدة إليها في الحصول على الروبل الروسي في التبادل التجاري.
وقال أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن هذه الخطوة في غاية الأهمية في إطار تقليل الهيمنة الكبيرة للدولار الأمريكي على عدد كبير من اقتصاديات العالم ومنها الاقتصاد المصري، مشيراً إلى أن مصر دولة كبيرة بها 100 مليون مواطن ومستهلك، كما أنها دولة مستوردة؛ حيث استيرادها أكبر من صادراتها، فهي تحت تأثير كبير للدولار الامريكي.
وأضاف أبو بكر الديب خلال تصريحات لـ"صدى البلد" أنه قد حرص الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الأخيرة على رفع الفائدة بشكل مكرر ، وبالتالي ضعفت سلة العملات للأسواق الناشئة أمام الدولار، وبالتالي الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة أضرت كثيراً الاسواق الناشئة ومنها مصر.
وأردف الخبير في الشؤون الاقتصادية: عند لجوء مصر للتعامل مع روسيا بالعملات المحلية فذلك يعد بمثابة استغناء بشكل جزئي أو مرحلي عن الدولار، وبالتالي نستطيع تخفيف الضغط على الدولار، وبالتالي تحسين وضع الجنيه المصري وإنعاش وضعه أمام سلة العملات الأجنبية.
وتابع : مصر "تقترب" من عضوية البريكس وهي مجموعة اقتصادية كبيرة تنافس مجموعة السبع الكبار، وأغلب دول البريكس تسعى لكسر هيمنة الدولار على الاسواق العالمية، مؤكداً أن ذلك سيفيد الاقتصاد المصري والروسي بشكل كبير كما أن مصر مفتاح لسوق استهلاكي أكبر وهي قارة إفريقيا والتي بها مليار و400 مليون مستهلك وهي مفتاح للدول العربية ذات 350 مليون مواطن عربي.
مصر وتجمع البريكس
وأردف: بالتالي ذلك سيسهم في تنويع سلة العملات الأجنبية في مصر، وكذاك سيخفف الضغط على الدولار، وسينعش الجنيه المصري مقابل الدولار، وسيزيد التبادل التجاري بين مصر وروسيا وسيؤثر ايضا على السياحة، حيث أن نسبة السياح الروس الوافدين إلى مصر هي النسبة الأكبر وبالتالي التعامل بالعملات المحلية سيكون له مردود كبير فيما يتعلق بقطاع السياحة.
يذكر أنه كان قد صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي في مارس 2023، على القرار رقم (628) لسنة 2023 بشأن الموافقة على اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع إلى تجمع البريكس ووثيقة انضمام مصر إلى البنك.
وكان بنك التنمية الجديد وافق، على قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول البريكس في ديسمبر 2021، وأُقرت مصر العضو الرابع الجديد، حيث تم قبول عضويتها ضمن التوسعة الأولى لنطاق انتشار البنك عالمياً، وسبقتها، منذ سبتمبر 2021، كل من بنجلاديش، والإمارات العربية المتحدة وأوروجواي.
ويعد تجمع البريكس من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، والذي يضم في عضويته كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، و"بريكس" هي اختصار للحروف الأولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ويمثل التجمع نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم،
وأنشأت الدول الأعضاء بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، فضلاً عن اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى.
وبنك التنمية التابع لتجمع بريكس أنشأ في العام 2015 برأس مال 50 مليار دولار - وحسب خبراء الاقتصاد سوف يسهل انضمام مصر له في إمكانية الحصول على قروض ميُسرة بفائدة مُنخفضة.
لم يتمكن فريق أخبار ميتر من التأكد من صحة بعض معلومات التحقيق لتوثيقها، حتى وقت التقييم.
- فيما تم التأكد من صحة بعض التفاصيل الأخرى؛ انظر هنا وهنا.